مجتمع

مفهوم التنشئة الاجتماعية

عملية التنشئة الاجتماعية ، عملية يهتم بدراستها علم النفس ، خاصة الـنفس الاجتماعي وعلم نفس النمو والصحة النفسية , وعلـم الاجتمـاع وعلـم التربيـة ويعتبرها بعض المهتمين بدراسة علم النفس الاجتماعي موضوع محـوري للمـادة الدراسية لهذا العلم . نظرا ً لارتباطه بأصول وديناميات السلوك الاجتمـاعي ومـا يتعرض له هذا السلوك من تأثيرات بفعل أنماط التنشئة واختلافها من حضـارة أو ثقافة إلى أخرى.

ويمكن تعريف التنشئة الاجتماعية على أنها علاقة تفاعلية بواسـطتها يـتعلم الفرد المتطلبات الاجتماعية والثقافية التي تجعل منه عضوا ً فعالا ً فـي المجتمـع ، وتتضمن هذه العلاقات من الناحية النفسية العادات والسمات والأفكار والاتجاهـات والقيم ، ومن وجهة النظر السوسيولوجية ، فإن التنشئة الاجتماعية تعني أن الفـرد يتماثل مع الأشياء المسموح بها في الثقافة والتوقعات الثقافية التي يعبر عنهـا فـي ألفاظ وطرائق وتقاليد وطرق أخرى خاصة بالحياة الاجتماعية.

وقد تعني التنشئة الاجتماعية أيضا ً أن الفرد ينمي إحساسـا بالتوحـد ويأخـذ أدوارا ً ومكانات بين الجماعات المنتمي إليها وبهذا يكتـب ويـتعلم الفـرد الاتجـاه المضاد لأي جماعة معارضه خارجه عنه والتي قد يكون للجماعات التـي ينتمـي إليها اتصال بها . باختصار فإن التنشئة الاجتماعية التي ينتمي إليها اتصـال بهـا. وباختصار فإن التنشئة الاجتماعية تحدث في السنوات المبكرة للحيـاة مـن وجهـة النظر الخاصة بالتفرقة بين المجتمع والثقافة من ناحية وبين التكيـف الشخصـي – الاجتماعي والتكيف الثقافي من ناحية أخرى ، فإن مفهوم التنشئة الاجتماعية غيـر كاف لوصف هذه العملية ، وبالتأكيد فإن المفهوم يستخدم ويشـير إلـى الجوانـب الاجتماعية للتعليم سواء كانت ثقافية أو غير ثقافية ، وإذا قبلنا هـذا التفسـير فـإن المصطلح على هذا النحو لا غبار عليـه ولا يوجـد اعتـراض علـى اسـتخدامه كمصطلح عام ومتسع في علم الاجتماع.

وعلى أية حال ، فإنه يمكن استخدام مفهوم التنشئة الاجتماعية بمعناه الواسـع أي تكيف الفرد لمكانه في عالمه الاجتماعي – الثقافي وكما أشرنا فـإن الأشـكال الأولى لعملية التنشئة الاجتماعية تحدث منذ الاحتكاكات الأولى للطفل مع أمه ، ثـم في علاقته مع زملائه ، وفيما بعد عن طريق الأصدقاء والزملاء ورفـاق اللعـب، وفي الحقيقة ، أن الفرد خلال حياته يستمر في الشـعور بـأثر مجتمعـه وثقافتـه عليه) أما في علم النفس الاجتماعي وعلم نفـس النمـو فتعـرف عمليـة التنشـئة الاجتماعية بأنها عملية تعلم وتعليم وتربية، تقوم على التفاعل الاجتماعي، وتهـدف إلى إكساب الفرد )طفلا ً فمراهقا ً فراشدا ً فشيخا ً( سلوكا ً ومعايير واتجاهات مناسـبة لأدوار اجتماعية معينة تمكنه من مسايرة جماعته والتوافـق الاجتمـاعي معهـا ، وتكسبه الطابع الاجتماعي وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية.

وهي عملية تشكيل السلوك الاجتماعي للفرد ، وعملية استدخال ثقافة المجتمع في بناء الشخصية ، كما أنها عملية تطبيع المادة الخام للطبيعة البشرية فـي الـنمط الاجتماعي والثقافي ، وبمعنى أخر هي عملية التشكيل الاجتماعي لخامة الشخصية.
وهي عملية تحول الكائن الحيوي )البيولوجي( إلى كـائن اجتمـاعي ، ذلـك الكائن الذي مكث في رحم الأم ينمو حيويا ً إلى قدر معلوم وخرج منه لا يعلم شـيئا ً ليلتقطه )رحم الجماعة( ينمو فيه اجتماعيا ً.
وهي عملية إكساب الإنسان صفة الإنسانية،فالإنسان لا يكتسب هذه الصفة بفضل خصائصه التشريحية البيولوجية وحدها ولكن بفضل عملية التنشئة الاجتماعية

و هي عملية تعلم اجتماعي ، يتعلم فيها الفرد عن طريق التفاعل التـي تحـدد هذه الأدوار، فهو يكتسب الاتجاهات النفسية ويتعلم كيف يسلك بطريقـة اجتماعيـة توافـق عليهـا الجماعـة ويرتضـيها المجتمـع ، ولهـذا يـرادف نيوكومـب)1959(Newcomb بين مصطلح التنشئة الاجتماعية ومصطلح التعلم الاجتماعي.
وهي عملية نمو يتحول خلالها الفرد من طفل يعتمد على غيره متمركز حول ذاته، لا يهدف في حياته إلا إشباع حاجاته الفسيولوجية ، إلى فرد ناضـح يـدرك معنى المسئولية الاجتماعية وكيف يتحملها، ويعرف معنـى الفرديـة والاسـتقلال، يسلك معتمدا ً على ذاته، لايخضع في سلوكه إلى حاجاتـه الفسـيولوجية فحسـب ، ويستطيع أن يضبط انفعالاته ويتحكم في إشـباع حاجاتـه بمـا يتفـق والمعـايير الاجتماعية ، ويدرك قيم المجتمع ويلتزم بها ويستطيع أن ينشئ العلاقات الاجتماعية السليمة مع غيره.
وهي عملية مستمرة لا تقتصر فقط على الطفولة ، ولكنها تستمر في المراهقة والرشد وحتى الشيخوخة ، فالفرد خلال مراحل نموه ينتمي باستمرار إلى جماعات جديدة يتعلم دوره الجديد فيها ويعدل سلوكه ويكتسب أنماطا ً جديدة من السلوك.
وهي عملية دينامية تتضمن التفاعل والتغير / فالفرد في تفاعله مـع أفـراد الجماعة يأخذ ويعطي فيما يختص بالمعـايير والأدوار الاجتماعيـة والاتجاهـات النفسية والشخصية الناتجة في النهاية هي نتيجة لهذا التفاعل.
وهي عملية معقدة ومتشعبة تستهدف مهام كبيرة وتتوسل بأسـاليب ووسـائل متعددة لتحقق ما تهدف إليه.)

 

المصدر :كتاب علم الاجتماع العائلي لمؤلفته “د/ زينب إبراهيم العزبي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى