يقول “أوغستو باول” بأن الاستعمار الثقافي هو الاضطهاد الذي يستمر في مجال الثقافة، حتى بعد انتهاء الاستعمار الفعلي للبلد. وباختصار، الاستعمار الثقافي هو إما الترويج لثقافات معينة، أو التحريض ضدها، بشكل يتسبب في اضطهاد تلك الثقافة. وفي كتابه “مسرح المضطهَدين”، الصادر سنة 1979، يقدم لنا أوغستو مثالين للاستعمار الثقافي. المثال الأول هو أفلام “الويستيرن” الأمريكية الكلاسيكية، والتي كانت مشهورة بين الشباب المكسيكي خلال مرحلة كتابة أوغستو لهذا الكتاب. وهنا يناقش أوغستو أن هذه الأفلام جعلت الشباب المكسيكي يتعاطف مع رعاة البقر الغربيين (الكاو بوي). يقول باول في كتابه: “وبطريقة التعاطف هذه، غادر الشباب عالمهم الذي يعتقدون فيه بضرورة دفاع الأفراد عن ممتلكاتهم، ودخلوا إلى عالم المستعمر الأمريكي الذي يرغب في احتلال أراضي الغير”.
المثال الثاني الذي يقدمه باول، هو برنامج “سيسمي ستريت”. وحسب أوغستو باول فسيسمي ستريت عبارة عن برنامج تلفزيوني ثقافي يسعى إلى مساعدة الأسر الفقيرة من خلال تعليم أطفالهم أهمية العمل بجهد وادخار المال. وهذه المسألة استعمار ثقافي لأنها تقول بشكل غير مباشر أن الامتيازات التي يتمتع بها الأغنياء هي ثمرة لمجهودهم وأنهم يستحقونها، وبهذه الطريقة يميل الفقير إلى القبول اللامساواة الاجتماعية. وبناء على ذلك فإن الشخص الذي يتعرض للاضطهاد يستسلم وينصاع حينما يرى العالم عبر نظارات المضطهِد.
يذكر باول بأن الاستعمار الثقافي لا يمارَس بين الدول فحسب، بل حتى داخل الدولة الواحدة نفسها. وذلك على اعتبار أنه لا توجد أية دولة تتمتع بانسجام ثقافي كامل. وتعتبر العنصرية والتمييز من مظاهر الاستعمار الثقافي الممارس داخل الدولة الواحدة نفسها.
المصدر: مجلة الفلسفة البريطانية
زر الذهاب إلى الأعلى