“الطالبي العلمي : الشراكة بين العام والخاص ،رافعة استراتيجية لتحويل الاستثمار العمومي إلى أثر تنموي ملموس”
حمزة شافعي

أكد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أن نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص يظل رهيناً بوجود بيئة اقتصادية منفتحة وآليات رقابة فعالة تضمن تتبع المشاريع وتقييم جودتها وقياس مردوديتها. وشدد على أن هذه المقاربة “لا يمكن أن تؤتي ثمارها من دون ثقة متبادلة واحترام دقيق للعقود والآجال”، باعتبارها أداة أساسية لتحسين أثر الإنفاق العمومي وانعكاساته على المجتمع.
وجاءت تصريحات الطالبي العلمي، اليوم الأربعاء، خلال يوم دراسي حول “الشراكة بين القطاعين العام والخاص” نظمه مجلس النواب بشراكة مع مجموعة البنك الدولي، حيث أبرز أن الأثر الإيجابي لهذه الآلية ينبغي أن يتجسد في الارتقاء بالخدمات وإحداث فرص الشغل وتوليد الثروة، إلى جانب دعم التقدم والتنمية الحضرية وتحسين جودة الحياة بشكل مستدام.
وأشار رئيس الغرفة البرلمانية الأولى إلى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تمثل أيضاً مدخلاً لتبادل التكنولوجيا والخبرات بين المؤسسات والبلدان، وتقاسم الإمكانات بما يعزز القدرات الوطنية. وذكّر بأن التجارب الدولية الحديثة أظهرت قدرة هذه الآلية على إنجاز مشاريع كبرى، من قبيل الطرق السيارة، والسكك الحديدية، والأنفاق، والبنيات الخدماتية الكبرى.
وسجل أن هذه الشراكات “مكنت من تعبئة موارد مالية هامة، وتقاسم الأعباء والمخاطر، وتقديم ضمانات عمومية أسهمت في إيصال تجهيزات وخدمات أساسية إلى مناطق بعيدة عن المراكز الحضرية”، بما أطلق ديناميات اقتصادية واستثمارية جديدة، وحقق أثراً مالياً واجتماعياً ملموساً.
وأوضح الطالبي العلمي أن المغرب وفّر لهذه الشراكات إطاراً تشريعياً ومؤسساتياً واضحاً وشفافاً، يضمن حقوق جميع الأطراف ويؤسس لعقود قائمة على الوضوح والمسؤولية. واستحضر في هذا السياق القانون رقم 86.12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مبرزاً أنه تم تحيينه ليتماشى مع التطورات الوطنية والدولية، وليضمن الجودة والشفافية والمنافسة الشريفة وتقاسم المخاطر وتوفير ضمانات المرتفقين.
وأضاف أن هذا الإطار القانوني يتكامل مع نصوص أخرى مثل ميثاق الاستثمار، وقانون التدبير المفوض، ومرسوم الصفقات العمومية، مشيراً إلى أن هذه المنظومة تؤطر العديد من المشاريع الاستراتيجية في مجالات الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر والبنيات الأساسية، خاصة في الأقاليم الجنوبية التي تعرف دينامية استثمارية متصاعدة.
كما أكد رئيس مجلس النواب أن هذه المنظومة تجعل المغرب وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، بفضل ما ينعم به من استقرار سياسي وأمني، وما يتوفر عليه من مؤسسات قوية ونموذج ديمقراطي يحظى بتقدير دولي. واعتبر أن الرهان على الشراكة بين القطاعين العام والخاص يكتسي أهمية مضاعفة في ظل السياق العالمي المتسم بعدم اليقين وتراجع تدفقات الاستثمار.
وختم الطالبي العلمي مداخلته بالتأكيد على أن المغرب يوجد اليوم في “مرحلة مفصلية” ترتبط بتحديث البنيات الأساسية وتطوير الطاقات المتجددة وتعبئة الموارد المائية، بالتوازي مع بناء نموذج متجدد للرعاية الاجتماعية والعدالة المجالية، ما يجعل من الشراكة بين القطاعين العام والخاص رافعة استراتيجية لمواجهة التحديات وتحقيق التنمية المنشودة.



